- Classes
- Certificates
- My Account
- Donate
- Search
Search
عندما تعثر 03
الدرس الثالث ■ عندما تعثر
العيش في حياةٍ متغيّرة
عندما صرنا مسيحيين تغيّرنا. فقد مُتنا مع المسيح عن تلك الحياة العتيقة، وأقامنا معه في حياةٍ جديدةٍ من التلمذة نُخضِع فيها إرادتنا لمشيئة الله الكاملة المقدّسة. بدأت حياتنا في إظهار ثمر الروح، وبدأنا نتمتّع بمحبة الله التي لم تكن لدينا من قبل. بدأنا نتمتّع بفرح الله، وسلامه، وطول أناته، وإرشاده، وخيره، وأمانته، ولطفه، ووداعته. وهذا معناه أنّ حياتنا تغيّرت، إلا أنّ هذه الحياة الجديدة للتلمذة المثمرة ليست تلقائية، أليس كذلك؟
الله يعمل فينا، فهو يعطينا رغباته ومن ثمَّ يعطينا القدرة على تحويل تلك الرغبات إلى واقعٍ في حياتنا. إلا أنّ الله لن يفرض علينا رغباته، أليس كذلك؟ لن يجعلنا نحبّ، ولن يجعلنا فرحين، ولن يجعلنا نشعر بالسلام. ولكن علينا أنْ نأخذ الخطوة التالية. علينا أنْ نتفق مع الله على أننا نريد محبته، وفرحه، وسلامه، وطول أناته. ينبغي أنْ نأخذ الخطوة التالية، ونطيع الله من خلال قوة روحه. الله يعطينا الرغبة كما يعطينا القدرة، ولكن علينا أنْ نأخذ الخطوة. يقول الكتاب المقدس على سبيل المثال، "وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ"، هذه خطوةٌ. ثم يقول، "تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ"، وهذه أيضاً خطوةٌ.
ولكن لديّ خبرٌ سيّئ لك رغم هذا الفرح كله في حياتنا الروحية الجديدة. والخبر السيّئ هو أنّنا نفشل في بعض الأحيان في اتخاذ الخطوة التالية. وهكذا نتصرّف وكأننا لم نتغيّر في تحوّلنا؛ فبدلاً من المحبة سيحلّ الغضب، وقد يتحوّل إلى الكراهية. وربما يحلّ روح انتقاد ومرارةٍ عوضاً عن الفرح. وبدلاً من السلام قد يوجد القلق والاضطراب. احتجت إلى وقتٍ طويل لتحديد مكان طرح هذا الموضوع، لأنّني أعرف أنكم جميعاً فرحون. عندما يصير المرء ابناً لله يملأه فرحٌ غامر، فنحن نعلم أننا لن نقضي الأبدية في الجحيم. نحن ذاهبون إلى السماء، وندرك أنّ لنا أباً جديداً وعائلة جديدة. ولكن علينا أنْ نعرف أنّ التحديات قادمة. وربما تكون هذه التحديات قد بدأت بالفعل. وبالتالي علينا أنْ نطرح هذين السؤالين: "ماذا ستفعل إذا لم تتخّذ تلك الخطوة التالية للطاعة؟" و"ماذا ستفعل عندما تعثر وتسقط في المسيرة المسيحية؟"
ب. تعريف ثلاثة مفاهيم
قبل الإجابة عن هذين السؤالين، أريد تعريف ثلاثة مفاهيم سوف أستخدمها عبر الفقرات المتبقية من هذا الكتاب، وهي: النسبية، والخطية، والتجربة.
1. النسبية
الكلمة الأولى ليست كتابيّة، فنحن لن نجدها في فهرس الكتاب المقدس، لكنها تصف العالم الذي نعيش فيه، وتصف الثقافة التي خرجنا منها عندما أصبحنا أولاداً لله. هذه الكلمة هي "النسبية". النسبية هي إنكار وجود الحقّ المطلق، وهي الفلسفة القائلة بأنّه لا يوجد شيءٌ صواب بالضرورة أو خطأ بالضرورة، وبأنّ الحق نسبيّ. تقول النسبية، "ما هو صحيحٌ من وجهة نظري قد لا يكون صحيحاً من وجهة نظرك، وما هو صحيحٌ من وجهة نظري في هذا الصباح قد لا يكون صحيحاً من وجهة نظرك في هذه الظهيرة". يطلق العالم على هذه الكلمة مفهوم "تفكير ما بعد الحداثة " أو" ما بعد الحداثة". أمّا الكتاب المقدس فيطلق عليها مفهوماً مختلفاً وهو "عصيان" سلطان الله. نحن، أولاد الله، نؤمن بأنّ أبانا هو الخالق. وبما أنّه الخالق، فنحن نؤمن بأنّه يملك الحقّ والحكمة لتحديد ما هو حقّ. هناك حقٌّ مطلق، وهو الحقّ في نظر الله أبينا وخالقنا. في الواقع، نحن نؤمن بأنّ الله نفسه هو الحقّ. الله هو الخالق الكُلّيّ الحكمة الذي يحدّد ما هو حقٌّ.
نؤمن أيضاً بأنّ الله صالحٌ في جميع الأوقات، وبالتالي، فإنّ هذا الخالق الكُلّيّ الحكمة والكُلّيّ الصلاح يريد الأفضل لخلقه. يقدّم لنا هذا الخالق الكُلّيّ الحكمة والكُلّيّ الصلاح قواعد ومبادئ التوجيهية. وقد منحنا هذا الكتاب، أي الكتاب المقدس، وأخبرنا فيه ما هو صوابٌ وخطأ، وما هو حقٌّ وباطل. أخبرنا الله بما هو أفضل لك ولي. نختلف مع أحكامه في بعض الأحيان، ولكن الحقّ ليس نسبياً، فالحقّ هو ما حدّده الله. ولهذا فإنّ ما يقوله الكتاب المقدس هو الأفضل لنا.
ترد في سفر المزامير مقاطع عن هذا الموضوع. يفهم المرنّم ذلك، ويقول في المزمور 11:16 متحدّثاً إلى الله، "تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ". لاحظ أنّ المرنّم لا يكتب، "أعطيتني مجموعة من القواعد ينبغي أنْ أتّبعها. وأنا إنسانٌ بائس في محضرك بسبب هذه الأشياء كلها التي لا أستطيع أنْ أعملها فيما بعد. وهذا أمرٌ مؤسف". هذه هي الطريقة السخيفة والغريبة التي ينظر بها الناس إلى المسيحيين، وينظر بها بعض المسيحيين إلى أنفسهم. يدرك المرنّم أنّ الله قد عرّفنا الحقّ-أي سبيل الحياة. ولا يوجد الفرح الحقيقيّ إلا في محضره، ولن نجد شبعاً من السرور إلا في يمينه.
نحن لسنا نسبيّين، بل نؤمن بوجود الحقّ المطلق الأخلاقيّ الروحيّ. ونؤمن أنّ الحقّ لا يحدّده العالم بل خالقنا الكُلّيّ الحكمة والكُلّيّ الصلاح، وهو يريد الأفضل لخلقه. هذه هي نقطة الانطلاق، وهي تتعارض تعارضاً صارخاً مع كل ما تعلّمناه في هذا العالم الدنيويّ. نحن لسنا نسبيّين.
2. الخطية
الكلمة الثانية التي أريد تعريفها هي كلمة "الخطية". الخطية كلمةٌ نعرفها جيداً، ولكن اسمحوا لي بالتأكد من وجود تعريف صحيح لها فيما بيننا. تعني الخطية في المقام الأول إخطاء الهدف. تخيّل رامي سهامٍ يسحب قوسه للوراء ويصوّب السهم. إنّه يصوّب سهمه تجاه قلب الهدف. يُطيّر السهم لكن السهم يفوته الهدف. وهذا المستوى الأساسيّ، في المقام الأول، هو معنى الخطية؛ فالخطية هي إخطاء الهدف.
من يضع الهدف؟ ومن يحدّد قلب الهدف؟ ومن يقرّر غاية حياتنا؟ إنّه الله. يقول خالقنا الكُلّيّ الحكمة والكُلّيّ الصلاح، "هذا هو قلب الهدف". نسحب سهم حياتنا ونصوّبه، وعندما لا يصيب السهم قلب الهدف بل يحيد عنه، تكون هذه هي الخطية. على سبيل المثال، ما هو هدف الله؟ ما هو قلب الهدف في سياق وجهة نظر الله عن لساننا؟ أين هو قلب الهدف المتعلّق بلساننا الذي يسبّب لنا الكثير من المتاعب؟ يقول لنا الله في رسالة أفسس 29:4، "لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ". وتقول رسالة أفسس 4:5، "وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ". أظهر لنا الله قلب الهدف. فهو يقول، "من جهة لسانكم، ينبغي أنْ يفيض بالنعمة والشكر، وينشغل ببنيان بعضكم البعض بحيث لا يوجد مجال أو وقت لانتقاد الآخر".
نحن نعرف قلب الهدف، ولكن ما الذي يحدث في حياتنا؟ على الرغم من حقيقة أننا نؤمن حقاً أنّ الله كُلّيّ الحكمة وكُلّيّ الصلاح، إلا أنّه تأتي علينا أوقاتٌ نقول فيها، "لا، يا الله، فأنا أعرفُ أفضل منك"، أو "إنّ طرقك ليست هي الأفضل دائماً"، أو "أنت لستَ حكيماً دائماً"، أو "ليس هذا هو وقت البنيان، أو التهذيب، أو مدّ فترة العفو". وهكذا، فإننا نذّم الآخرين، ونفتري عليهم، ونؤذيهم، وندمّر سُمعتهم. نزرع بذور الشك والسخط. أظهر لنا الله الهدف وحدّده. الخطية معناها إخطاء الهدف، أي الفشل. الخطية باختصارٍ هي إخطاء الهدف، أي التعثّر في مسيرتنا. هذا هو معنى الخطية.
3. التجربة
الكلمة الثالثة التي أريدُ تعريفها هي كلمة "التجربة". تعني كلمة "التجربة" ببساطةٍ إغواء الخطية. تحدث التجربة عندما يؤذينا شخصٌ ما، فتموج في رؤوسنا أفكارٌ للردّ عليه في حالة غضبٍ. وتحدث التجربة عندما يمرّ بنا شخصٌ ما، رجل كان أم امرأة، فتخطر في بالنا فكرة أنْ نتفحّصه من رأسه إلى أخمص قدميه. هذا هو الإغواء للخطية. اسمحوا لي أنْ أُطلعكم على ثلاثة أمورٍ من الكتاب المقدس عن التجربة:
أ. التجربة ليست خطية
التجربة ليست خطية. تتطاير الأفكار في رؤوسنا ونقول، "من أين جاءت؟" هذه تجربةٌ وليست خطية. أمّا التجربة فتصبح خطية عندما نستسلم لها، أليس كذلك؟ تصبح التجربة خطية عندما نستسلم لها، ونردّ في غضبٍ أو ذمٍّ أو افتراءٍ. تصبح التجربة خطية عندما نترك أعيننا تسرح في امرأةٍ، ونسمح لعقولنا بأنْ تُعرّيها. تصبح التجربة خطية عندما نقع في نزوةٍ مع شخصٍ ما. يمكن أنْ تصبح التجربة خطية عندما نستسلم لها، ولكن التجربة في حدّ ذاتها ليست خطية.
ب. لا تستسلموا للتجربة
أذكرُ ممثلاً كوميدياً شهيراً جداً منذ سنواتٍ مضت، وعندما أذكر اسمه فإنني سأكشف عن عمري! إنه فيليب ويلسون، وقد حظي بضحكات كثيرين عندما نطق عبارةً واحدة. هل تتذكرّون عبارته، "الشيطان أغواني لفعل ذلك"؟ جنى فليب ويلسون الكثير من المال، وحظي بالكثير من الضحكات بقوله هذه العبارة، ولكن فكرته اللاهوتية كانت خاطئة تماماً. فالشيطان لا يمكن أنْ يجعل أحداً يفعل أي شيءٍ. الخطية لا يمكنها أنْ تجعلنا نخطئ.
ليتكم تدركون أنّ سطوة الخطية انكسرت تماماً في حياتنا على الصليب وعند تحوّلنا. فنحن لم نعد مجبرين على أنْ نخطئ. ما زالت الخطية حاضرة، ولكن سطوتها وسلطتها وسيطرتها انكسرت، وليس علينا الاستسلام للتجربة. يفيض الكتاب المقدس بالوعود المتعلقة بهذه المسألة. قال يسوع لتلاميذه في إنجيل يوحنا 33:16، "... فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ". لقد غلب يسوع العالم، وحطّم السلطة المطلقة للخطية. أمّا رسالة يوحنا الأولى 4:4 فتقول عن الله، "الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ".
إنّ الله العامل فينا، من خلال الروح القدس، أعظم من الشيطان ومن أي شيءٍ آخر في هذا العالم. فما هو داخلنا غلب ما هو خارجنا. والشيطان ببساطةٍ لا يمكنه أنْ يجعلنا نخطئ، لكننا نخطئ لأنّنا نريد ذلك. وأنا أخطئ لأنّني أستسلم للتجربة، ولكنني لستُ مخلوقاً البتة لكي أخطئ، ولا أنت. وبالمثل، فإنّ أهم وعدٍ يرد في رسالة بولس إلى الكنيسة في كورنثوس. يقول لهم بولس في 1 كورنثوس 13:10، "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ..." إليك ما سيحدث إذا كنّا مثل أي شخصٍ آخر: سوف تداهمنا التجربة ونشعر بالعزلة التامة، وسوف نشعر أنّ أحداً لم يُجرَّب هكذا من قبل، وأنّ أحداً لم يمرّ بمثل تجربتنا هذه. سوف نشعر أنّ أحداً لم يختبر تجربةً مثل هذه في صعوبة مقاومتها. ربما يفكّر كلٌ منّا، "إني أعيشُ في عزلةٍ تامة وسوف..." (هذا هو الشيطان، بالمناسبة، إذا سمعتَ ذلك الصوت). أما وعد الله فهو "... لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ". نحن لسنا وحدنا. وبغضّ النظر عن مدى صعوبة الموقف، فنحن لسنا وحدنا. إذا جُرّبنا بطريقةٍ ما، فإنّ الآخرين يُجرّبون أيضاً؛ نحن لسنا وحدنا.
ثم يستطرد بولس قائلاً، "وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ"، أي قدرتكم على مقاومة التجربة، "بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضاً الْمَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا". لاحظوا أنّ بولس لا يشير لفكرة القوة الداخلية التي تقول، "عندما تُجرّب، قاوم التجربة، واصبر حتى تغلبها"، لا يتبنّى بولس هذه الفكرة. لكنه يتبنّى الفكر اللاهوتيّ السليم، مشيراً إلى طبيعة الله في المقام الأول. يقول بولس إن الله أمينٌ. قطع الله وعوداً خاصة لنا، وإلهنا صاحب السلطان هو المتحكّم في ظروف حياتنا حتى إنه وعد بألا تصيبنا تجربةٌ فوق ما نستطيع. لن نُصاب بأية تجربةٍ إلا ومعها المنفذ لمقاومتها، وذلك من خلال قوة الله. في الواقع، يقول إلهنا الكُلّيّ الحكمة، والكُلّيّ الصلاح، والكُلّيّ المحبة، وصاحب السلطان إنّه في خضمّ التجربة سيكون لنا منفذٌ يجعلنا لا نستسلم لها.
لن يبقينا الله بعيداً عن التجربة، لكنه سيكون معنا في خضمّ التجربة. وفيما نتعلّم عدم الاستسلام من خلال قوة روحه، فنحن ننمو في مسيرتنا المسيحية. لسنا مجبرين أبداً على أنْ نخطئ، لكننا نخطئ لأنّنا نريد أنْ نخطئ ونحبّ أنْ نخطئ، وهذا ما يحدث معي على أي حالٍ. ليس علينا أنْ نخطئ، وليس علينا الاستسلام للتجربة. لطالما ضحكتُ عند مشاهدة فيليب ويلسون، لكنه ببساطةٍ لم يكنْ على حقٍّ.
ج. الله معك
ليتكم تدركون أنّ الله معنا. فشعور الفرح والابتهاج الذين يغمرنا كمسيحيين جدد هو شعورٌ حقيقيّ، كما أنّ مسيرتنا كمسيحيين تميّزها النصرة. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى أنّ الله معنا وليس علينا. يريد الله منا النصرة على التجربة وليس الاستسلام لها.
ذات مرةٍ أراد مدرّبي في كرة السلة أنْ يكرّر لي عبارةً معينة لأنه أراد لي الفشل. لم يدرّبني مدرّب كرة سلّة مثله من قبل في الرميات الحرّة. كانت العلاقة غريبة ومتوترة وثلاثية بين الرميات الحرة وبيني وبين المدرّب. فكلّما نهضتُ لتصويب رمية حرة، هل تعرف ما كنتُ أسمعه؟ كان يقول، "ضيّع الرمية!" أو "أراهنك على خمسة دولارات أنك ستخسر الرمية!" كان هذا مدرّبي! كنتُ أسمع المدرّب وبقية أعضاء الفريق يقولون، "نراهنك على أنك ستخسر الرمية!" اعتاد على مراهتني بكل شيءٍ مؤكداً لي خسارتي. لم يكن مدرباً بارعاً. ولهذا ضيّعتُ الكثير من الرميات الحرّة، ولكن هذه قصةٌ أخرى. يختلف الله عن مدربي في كرة السلة.
لا يريدنا الله أنْ نفشل. يريد لنا النجاح وعدم الاستسلام للتجربة. يريد منا، في الواقع، ألا نستسلم إذ بذل عنا نفسه، وروحه يحيا فينا. يتوقُ الله ليرانا منتصرين في المعركة. سوف يمنحنا الرغبة للنصرة في المعركة، ومن ثمّ القدرة على النصرة في المعركة. يقول بولس لكنيسة الغلاطيين، "اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ". استمعوا إلى الروح القدس؛ أنصِتوا إلى ما يقوله، أصغوا إلى توجيهه، ثم دعوا قوته تساعدنا على عدم الاستسلام للتجربة. الله معك ومعي. إنّه ليس ضدنا بل معنا. التجربة هي الإغواء للخطية، وليست خطية في حدّ ذاتها، وليس علينا الاستسلام لها. ليتكم تدركون أنّ قوة المسيح المقام تسكن في داخلنا لتساعدنا على عدم الاستسلام للتجربة.
ج. ما هو دوركم؟
1. اعترفوا
بعد مناقشة تلك الكلمات الثلاث، دعونا نعود إلى الموضوع الأصليّ: "ماذا سنفعل عندما نعثر ونخطئ؟" ماذا سنفعل عندما نخطئ الهدف؟ لا أستطيع أنْ أؤكّد على هذا الأمر بما يكفي، لأنّ هذه واحدةٌ من اللحظات الحاسمة في مسيرتنا الروحية. وإذا لم نستوعب الدرس جيداً، وإذا لم نتعلّم ما دعانا الله لنفعله في خضمّ الخطية، فسوف نصير بائسين تعساء لبقية حياتنا. وأنا أضمن لكم ذلك.
الموقف الأكثر بؤساً في العالم هو أنْ تكون أقدامكم في عالمين، وأن تكونوا معلّقين في العالم وفي الخطية. من المؤسف أنْ تجد ابناً لله يملك القوة التي أقامت المسيح من بين الأموات، وهي القوة نفسها التي تعمل فينا، وتراه معلّقاً في الخطية في الوقت نفسه؛ هذه لحظةٌ حاسمة في حياتنا الروحية. ماذا سنفعل عندما نعثر ونسقط؟ يجيب الكتاب المقدس بكل وضوحٍ: اعترفوا. المسألة في منتهى البساطة. فلنعترفْ بخطايانا.
الاعتراف بكل بساطةٍ هو الاتفاق مع الله على أننا أخطأنا الهدف؛ هذا هو كل شيءٍ. يقول كلٌ منّا، "يا الله، أنت المُحقّ مئة بالمئة، وأنا المخطئ مئة بالمئة. أعلمُ أنّ قلب الهدف هو أنْ يفيض لساني بالنعمة والتفاهم والمحبة حتى لا يبقى مجالٌ للانتقاد. ولكنني أخطأت، ويؤسفني ذلك". الاعتراف معناه ببساطةٍ التصريح بأنك أخطأت الهدف، وبأنّ الله على حقٍّ وأنت على خطأ.
يرد واحدٌ من أشهر المقاطع في رسالة يوحنا الأولى 8:1، عندما يقول يوحنا للمؤمنين، "إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا". إنْ ظنّ أي شخصٍ بأنّه خالٍ من الخطية، فهو مخدوعٌ. وهذا هو معنى الخطية. أليس كذلك؟ ومع ذلك، "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ". يشير يوحنا من جديدٍ إلى طبيعة الله قائلاً إنّ الله أمينٌ وعادل. فالله ملتزمٌ بغفران خطايانا إذا اعترفنا وحسب.
2. المزمور 51
إذا كان الاعتراف بالخطية أمراً جديداً بالنسبة لكم (وقد يكون جديداً بالنسبة للبعض)، فإنّي أشجعكم على الانتقال إلى قلب الكتاب المقدس، أي إلى سفر المزامير، ومطالعة المزمور 51. ربما يكون المزمور 51 أفضل نموذجٍ عن الاعتراف في الكتاب المقدس بأكمله. اسمحوا لي بقراءة بعض آيات المزمور 51، وسوف تستشعرون المعنى الحقيقيّ للاعتراف الكتابيّ: "اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ" (مزمور 1:51). لاحظ أنّ داود كاتب المزمور يعلم أنه لا يستحقّ الغفران ولذلك يلتمس رحمة الله. "اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي" (مزمور 2:51). يدرك داود أنّ الغفران في يد الله.
"لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ" (المزمور 3:51-4). على الرغم من أننا نخطئ بحقّ الناس، إلا أنّ الخطية بجملتها تنتقل في نهاية المطاف إلى قلب الله، وداود يعرف ذلك. تقول الآية السابعة، "طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ". يعرف داود أنّ الغفران متاحٌ تماماً. تقول الآيات 10-12، "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي". يا لها من كلماتٍ جميلة! أودّ أنْ أشجّع كل واحدٍ منكم شعر برغبةٍ في الاعتراف، ولم تسعفه الكلمات، على أنْ يبحث عن الكتاب المقدس، ويجثو على ركبتيه، ويفتح الكتاب المقدس إلى منتصفه. اقرأوا المزمور 51 وليقل كلٌ منكم، "يا الله، ليكن قلبي كذلك، ولتكن هذه كلماتي لك".
سوف نبدأ في رؤية مبادئ الاعتراف فيما نطالع سفر المزامير. سنرى أنّ داود لا يقدّم أي أعذارٍ. لا توجد أعذارٌ على الإطلاق في المزمور 51. ولا ترد فكرة كونه ضحية، ولكن المزمور اعترافٌ كامل شامل عن الخطية ولسان حاله، "أنت على حقٍّ، يا الله، أنت على حقٍّ تماماً، وأنا مخطئٌ تماماً". يتفق داود مع الله على أنّ الخطية كريهةٌ حقاً. لا ترد في المزمور 51 أي رغبةٍ للتقليل من الخطية أو للقول، "أنت تعلم، أقصد أنني ارتكبتُ أخطاءً أكبر، ولكنها ليست سيئة للغاية". لا يرد مثل هذا الكلام في المزمور 51. يتّفق داود على أنّ الخطية مروّعة؛ فالخطية شيءٌ حقير. ثم يدعو داود الله كي يغفر له، ليس لأنّه يستحق الغفران، لكنه يدعو إله الرحمة والنعمة قائلاً، "أطلبُ منك الغفران لأنّك أنت الله". يعلم داود أنه سينال الغفران. المزمور 51 هو نموذجٌ رائع عن الاعتراف الحقيقيّ في الكتاب المقدس، وعلينا أنْ نرسّخ عليه فهمنا للاعتراف، ونعرف ما إذا كان مفهومنا عن الاعتراف كتابياً أم لا.
3. الميل لفعل العكس
أما الآن، فأريدُ أنْ أقول لكم إننا سنميل على الأرجح لفعل العكس تماماً من مبادئ المزمور 51، ولكن هذا قد لا يحدث في الحال. يؤسفني من جديدٍ نقل الاخبار السيئة، ولكن الخطية مستمرةٌ منذ عدة قرونٍ ولا تتغيّر كثيراً لأنّها متسلّطة. أعلمُ بسبب حياتي وحياة الناس الذين أعرفهم، أنّ ميلنا البشريّ (والمعروف باسم ميلنا الخاطئ) هو أنْ نفعل العكس تماماً عما فعله داود في المزمور 51. ما زالت الخطية حاضرة في حياتنا، أليس كذلك؟ فرغم انكسار سطوتها، إلا أنها ما زالت موجودة تلدغ وتلسع وتقضم أعقابنا لأنّ الخطية تدرك قوة الاعتراف.
تعرف الخطية ما يحرّكه الاعتراف في قلب الله الرحيم، ولهذا تهمس في آذاننا بعباراتٍ مثل، "لا تعترف بل قدّم الأعذار"، أو "لا تحمل كل اللوم على ما فعلت"، أو "يمكنك بالتأكيد أنْ تجد شخصاً ما تلقي عليه اللوم"، أو "ليس هذا خطأك وحدك بالطبع". تهمس الخطية في آذاننا وسبب تسلّطها هو أنها تأتي من الداخل، ومن ثم فنحن نسمع همس الخطية حقاً. تهمس الخطية قائلةً، "لا تعترف اعترافاً كاملاً بل اعترف بما يكفي لكي تتجنب معظم العواقب". من أمثلة الاعترافات السطحية والبغيضة، "يا الله، إليك أخطأتُ"، أو "أنا بائسٌ في خطيتي"، أو "لا أستطيع أنْ أؤمن أنك ستغفر لي، ولكني أعتقد أنك ستغفر لي"، أو"أنا آسفٌ للغاية". كم مرةٍ نطقت شفاهنا بمثل هذه الاعترافات؟ في كثيرٍ من الأحيان، يكون الاعتراف مجرّد محاولة لتجنب عواقب خطايانا، وبالطبع، لا يُعدّ هذا الاعتراف صادقاً. فهذا الاعتراف لا يؤدي إلى الغفران الكامل أو التطهير. أمّا الاعتراف على شاكلة المزمور 51 وحده فيؤدي إلى التطهير الكامل.
د. اقتراحاتٌ عمليّة
اسمحوا لي بتقديم اقتراحين عمليّين بشأن الاعتراف بالخطية:
1. أكملوا المهمة
إني أميلُ، مثلما يميل معظم الناس كما أعتقد، إلى التأمل في هذه المسألة طويلاً، أي التفكير فيما إذا كانت بهذا السوء حقاً. فلتكملوا المهمة. اعترفوا مبكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. أكملوا المهمة! فعندما نتمسّك بخطايانا نؤذي أنفسنا، ونسقط في دوامة الخطية، ونضرّ بعلاقتنا مع الله، فترتفع بيننا الجدران.
من الأمور الأخرى المهمة بخصوص الاعتراف هو أنه عندما نعترف، فنحن لا نخبر الله شيئاً لا يعرفه بالفعل. فالمسألة ليست احتفاظاً بسرٍّ دفين وإخفاءه عن الله! أكملوا المهمة فحسب. اعترفوا مبكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. فالله يرى ما يدور في الساعة الواحدة صباحاً، ويسمع همساتنا. إنه يعرف تماماً ما يدور في حياتنا وقلوبنا. لا يمكننا أنْ نخفي عنه شيئاً، كما أننا لا يمكن أنْ نقول له أي شيءٍ لا يعرفه من قبل. نحن من نتعرّض للأذية عندما نرفض الاعتراف بخطايانا.
2. اعترفوا بعضكم لبعضٍ
الاقتراح العمليّ الثاني هو ببساطة أنْ نعترف بعضنا لبعضٍ بخطايانا. هذه ليست مجرّد فكرةٍ جيدة، ولكنها مستوحاة من الكتاب المقدس (يعقوب 16:5). يكمن جزءٌ من أكذوبة الخطية في أنه بينما نكون في ظلمة الخطية، ونعتقد أنّ أحداً لا يعرف أننا ساقطون في الخطية، فإنّ الخطية تنقل لنا كلماتٍ مثل، "لا تخبر أحداً"، "سوف يزداد الأمر سوءاً إذا أخبرتَ أحداً"، "احتفظ بهذا الأمر لنفسك واعمل عليه"، "إذا أخبرتَ مسيحيّاً آخر، فأنت بذلك تمنحه سلطةً عليك وسلطاناً. وأنت لا تريد ذلك! سوف يشيع عنك النميمة وسيسوء الأمر أكثر". هل سمع أحدكم هذا الصوت؟ إنه صوت الشيطان، إنه صوت الخطية، إنه صوت الأكذوبة.
أمّا حقيقة الأمر فهي أنّ قوة الخطية تتلاشى عندما نكشفها في النور. لو كنا نعيش في بيئةٍ مختلفة وكنا جميعاً صادقين، لربما روينا جميعاً القصص عن الأوقات التي كانت الخطية تشدّنا فيها، وتهبط بنا إلى القاع، وتدخل بنا في أعماق تلك الدوامة. ثم نبدأ في الشعور بالبؤس متسائلين كيف يمكننا التخلّص من هذه الخطية. وفي روح الطاعة للكتاب المقدس، وربما في خضمّ اليأس، يلجأ كلٌ منا في النهاية إلى شخصٍ ما يثق به ويعترف له قائلاً، "أحتاج منك أنّ تصلّي من أجلي".
ماذا يحدث عندما نفعل ذلك؟ تنتهي المشكلة، أليس كذلك؟ من المدهش كيفية تلاشي قوة الخطية عندما نكشفها في النور، أليس كذلك؟ بلى! فلنكمل المهمة ولنعترف بخطايانا بعضنا لبعضٍ. سوف تكون الخطية حاضرةً دائماً، ولن ترحل حتى نموت ونعود إلى الوطن السماويّ. ينطوي جزءٌ من المسيرة المسيحية على تعلّم التعامل مع الخطية. في خضمّ خطايانا وفي أثناء اعترافنا، نتغيّر من إحدى درجات المجد إلى درجةٍ أخرى إلى أنْ نصير أكثر تشبّهاً بيسوع المسيح. هذه هي المسألة باختصارٍ، أليس كذلك؟
هـ. نوال غفرانه
إذاً نحن نعترف بخطايانا. ماذا يحدث عندما نعترف؟ ننال غفران الله. يرد في 1 يوحنا 9:1، "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ". فيما نستمرّ في مسيرتنا المسيحية، ربما نسقط في الخطية فيتساءل كلٌ منا، "كيف يمكن أنْ يحبّ الله خاطئاً مثلي؟" والجواب هو أنه أحبّنا قبل التحوّل، فلماذا لا يحبّنا الآن؟ أحبّنا عندما لم نكن أولاده، فلماذا يتوقّف عن حبّنا الآن ونحن أولاده؟ قد يخطر هذا الفكر على بالنا، "ولكن كيف يمكن أنْ يحبّ الله حقاً شخصاً ما يستمرّ في ارتكاب الأخطاء نفسها مراراً وتكراراً؟ كيف يمكن أنْ يغفر لي حقاً؟" والجواب: لأنّه هو الله، وهذه هي طبيعته. سوف أجاهد ما دمتَ مستمرّاً في الخطية، ورغم أنني أعرفُ أنّ الكتاب المقدس يوصيني بأنْ أغفر لك سبعين مرة سبع مرات، فإن هذا صعبٌ... لأنّني بشرٌ. لكن الله ليس بشراً بل هو إلهٌ أمين. يلتزم الله بالغفران مهما كانت خطايانا، ومهما كان عدد المرات التي نرتكب فيها الخطية نفسها، ومهما كانت عواقب خطايانا. إنْ اعترفتُ بخطاياي وقلتُ، "يا الله، أنت على حقٍّ، وأنا المخطئ"، فسوف يلتزم بوعده دائماً، بدون استثناءٍ، بأنْ يغفر خطايانا ويطهّرنا من كل إثمٍ.
و. يُطَهِّرَنَا
إذا أردتَ أنْ تعرف معنى التطهير، فانتقل إلى المزمور 103، فهو مزمورٌ نموذجيّ آخر عن الاعتراف. إذا سقطتَ في الخطية وأردتَ الغفران ولم تجد الكلمات المناسبة، فسوف يرشدك المزمور 103. اقرأ كلماته بصفتها كلماتك. سوف أبدأ بالآية الثامنة، "الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. لاَ يُحَاكِمُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَحْقِدُ إِلَى الدَّهْرِ. لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثَامِنَا. لأَنَّهُ مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ. كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا".
"كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ. لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ." هذه هي طريقة الله للتطهير! حدّد الله ما هو صوابٌ وخطأ، وقرّر الحقّ والباطل والخير والشر. إنه خالقنا، كُلّيّ الصلاح وكُلّيّ الحكمة، الذي يريد الأفضل لخلقه. ورغم أنّ المسيرة المسيحية تتسّم بالفرح والنصرة، إلا أنّ الخطية حاضرةٌ أيضاً. فالعثرة موجودة، والسقوط حاضرٌ، وهناك استسلامٌ للتجربة وإخطاء للهدف. أرجو أنْ تعترفوا بخطاياكم. اعترفوا مبكراً. اعترفوا كثيراً. اعترفوا اعترافاً كاملاً. فليقل كلٌ منكم لله، "أنت المحقّ تماماً وأنا المخطئ تماماً. لا أحد غيري يستحقّ اللوم. لقد أخفقتُ. أنا آسف. سامحني من فضلك". والله يلتزم بالغفران، وسوف ننعم بالحرية النابعة من الغفران والتطهير.
ز. المزمور 32
أريدُ أنْ أترك كل واحدٍ منكم مع مزمورٍ أخير. المزمور 32 هو واحدٌ من المزامير النموذجيّة الأخرى عن الاعتراف. يبدأ المرنّم في الآية الثالثة بوصف عدم الاعتراف بالخطية. يقول، "لَمَّا سَكَتُّ (لما امتنعتُ عن الاعتراف بخطيتي لله) بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي الْيَوْمَ كُلَّهُ. لأَنَّ يَدَكَ ثَقُلَتْ عَلَيَّ نَهَاراً وَلَيْلاً. تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ". يتحدّث في مزمورٍ آخر عن لسانه الذي يلتصق بحنكه. ومع ذلك، ماذا يحدث عندما يعترف بذنبه؟ تقول الآية الخامسة، "أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: ’أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي‘ وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي". لنعد إلى الآيتين الأولى والثانية إذ تقولان، "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُلٍ لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ".