- Classes
- Certificates
- My Account
- Donate
- Search
Search
السير مع الله 10
الدرس العاشر ■ السير مع الله
أ. التقديس
أريد أنْ أتحدّث اليوم بالتفصيل عن موضوع السير مع الله. شعرت بصعوبة كبيرة في عرض هذا الموضوع لأنّني لم أعرف مكاناً مناسباً له ضمن هذه السلسلة المكوّنة من اثني عشر درساً. لو كانت هذه السلسلة مكوّنةٌ من ثلاثين درساً، لوَرَدَ هذا الموضوع في الدرس الثامن والعشرين لأنّه صعبٌ قليلاً، وربما واسعٌ أيضاً. ومع ذلك، فمن المهمّ حقاً أنْ أناقش جميع القضايا الجوهريّة الأساسيّة التي نحتاج إليها كمؤمنين جدد عبر سلسلةٍ مكوّنة من اثني عشر درساً. لذلك "مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ"، كما يقول الكتاب المقدّس، أي استعدوا وثابروا، لأنّنا بحاجةٍ للحديث عن مسألة التقديس بأكملها. التقديس مصطلحٌ لاهوتيّ بارع يعني ببساطةٍ أنّنا منفصلون عن الخطيّة. يعني التقديس أنّه يتعيّن علينا أنْ نكون قدّيسين في مسيرتنا مع الله. عندما صرنا مؤمنين صرنا مثل أطفالٍ في المسيح، ولكنّنا ننمو روحياً إلى مرحلة النضج الروحيّ مثلما ينمو الأطفال إلى مرحلة البلوغ.
1. ماذا يعني النمو الروحيّ؟
ماذا يعني النمو الروحيّ؟ النمو الروحيّ معناه أنّنا نصير أكثر تشبّهاً بيسوع وأقلَّ تشبّهاً بالعالم في مسيرتنا يوماً فيوماً. والنمو الروحيّ معناه أنْ تعكس مواقفُنا وسلوكُنا أكثر فأكثر موقفَ يسوع المسيح وسلوكَهُ. تبدأ حياتنا في إظهار ثمر الروح: فحيث لم تكن هناك محبّةٌ تصير المحبّة موجودة، وحيث لم يكن هناك فرحٌ يصير الفرح العميق موجوداً يسمو عن ظروف الحياة، وهو متأصّلٌ في سلامنا مع الله لأنّنا تصالحنا معه. التقديس هو العمليّة التي نصير بها أقلَّ تشبّهاً بالعالم وأكثر تشبّهاً بالآب السماويّ.
2. إرادة الله لحياتكم
هل سبق وسألت نفسك، "ما هي إرادة الله لحياتي؟" أو "ماذا يريد الله مني أنْ أفعل؟" هذا هو أسهل سؤالٍ تُمكن الإجابة عنه! يرد الجواب في رسالة تسالونيكي الأولى 3:4، "لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ...". كل شيء آخر تقريباً هو مجرّد تكملةٍ. يريد الله منّا أنْ نصير أقلَّ تشبّهاً بالعالم، وأكثر تشبّهاً بابنه يسوع المسيح خطوةً فخطوة. تتحدّث آياتٌ كثيرةٌ عن التقديس، والمقطع المفضّل لديّ هو رومية 1:12-2 الذي يقول فيه بولس لكنيسة روما، "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ".
هذه هي إرادة الله لحياتنا: أنْ نتأمّل في عمل الله برحمته لخلاصنا، وأنْ يستجيب كلٌ منّا تجاه هذا العمل قائلاً، "أقدّم لك كياني بجملته قرباناً لك. لست أرغب في أنْ أشاكل هذا العالم، أو أسمح له بأنْ يضغطَني في قالبه، ولكن أنْ أتحوّل. ولست أرغب في أنْ أتحوّل بالناموسيّة أو باتّباع جميع القواعد التي يتعيّن عليّ أنْ أتّبعها، بل أنْ أتحوّل من الداخل، وأنْ يظهر ذهني المتجدّد في مسيرتي". هذا هو التقديس، وهكذا يجب أنْ تبدو مسيرتنا مع الله.
ب. الله يسمح بالظروف الصعبة
من الواضح أنّ السؤال العمليّ عن التقديس هو "هل بدأنا عمليّة النمو إلى مرحلة النضج الروحيّ؟" أو "هل بدأنا في أنْ نتغيّر وصرْنا أقل تشبّهاً بالعالم وأكثر تشبّهاً بيسوع؟" يسمح الله المحبّ بكل محبّته ونعمته ورحمته وقوته وسلطانه (فهو ملك الملوك ورب الأرباب) بالظروف الصعبة في حياتنا لمساعدتنا على النمو، ولمساعدتنا في مسيرتنا، ولمساعدتنا في أنْ نصير أكثر تشبّهاً بيسوع. سوف يسمح الله الصالح والمحبّ والقدير بالظروف الصعبة في حياتنا.
سوف يسمح بالحوادث، والمرض، وربما بالبطالة. وسوف يسمح، على رأس هذه القائمة كلها، بأنْ نُضطهَد من أجل إيماننا ("رائع!" هذا ما يحدث فعلاً). من المرجّح أنْ تبدأ هذه المضايقات من أصدقائنا. ينظر أصدقاؤنا إلينا ويقولون لكلٍ منّا، "مهلاً، أنت شخصٌ مختلف. ما مشكلتك؟ هل تعتقد أنّك أفضل منّا؟ هيّا، دعنا نعود لعمل الأشياء التي طالما عملناها معاً". لن يفهمنا أصدقاؤنا عندما يقول كلٌ منّا، "لا، لست أريد أنْ أعمل ذلك مرةً أخرى". ربما سنعاني في العمل. وربما سيسبقنا أحد الموظفين للحصول على ترقيةٍ لأنّ مديرينا يكرهون المؤمنين. ربما ينبذنا جيراننا، وحتّى أفراد عائلتنا لأنّهم يعتقدون أنّنا نظن نفوسنا أنّنا أفضل منهم، فنتعرّض لإدانتهم لأنّنا مؤمنون. سوف تعترض الظروف الصعبة حياتنا، ونحن نعلم ذلك لأنّها تعترض حياة جميع المؤمنين.
1. ما الخطأ الذي ارتكبته؟
سوف يُجرّب كلٌ منّا بأنْ يسأل نفسه، "ما الخطأ الذي ارتكبته؟ من المؤكّد أنّني ارتكبت خطأً ما فوقعت في هذه الظروف الصعبة". والجواب من الكتاب المقدّس هو، "لا، من المحتمل أنْ تكون قد صنعت خيراً، فوقعت هذه الظروف الصعبة في حياتك". يقول بولس لصديقه تيموثاوس في رسالة تيموثاوس الثانية 12:3، "وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ". إنّ العالم يبغض إلهنا. يقول يسوع، "إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ". ولذلك، عندما تحدث هذه الظروف الصعبة في حياتنا، سواء لأنّنا بشرٌ نعيش في عالمٍ ساقط أو لأنّنا مؤمنون، فسوف يسأل أحدنا نفسه، "هل ارتكبتُ خطأٌ ما؟" وربما يكون الجواب هو، "لا". من المرجّح أنْ يكون الجواب هو أنّ الله يريد أنْ يعمل شيئاً صحيحاً في حياتنا، وبالتالي فإنّه يسمح في ظلّ سلطانه وسيادته وصلاحه بهذه الظروف الصعبة في حياتنا حتّى ننمو في تقديسنا وقداستنا.
2. نحن ننمو في الظروف الصعبة
نادراً ما ننمو عندما تكون الظروف مواتية. أليس هذا محزناً رغم صحته؟ عندما يسير الزواج على طبيعته، وتكون الأسرة على ما يرام، ويمرّ العمل بدون مشكلاتٍ، ولا تتعطّل السيارة، ولا نضطر لدهان أحد جوانب المنزل، وتسير الأمور على طبيعتها، فكم واحداً منّا سينمو في الإيمان والثقة بيسوع المسيح؟ قليلون فقط. إلا أنّنا نميل أكثر للنمو وللتشبّه أكثر بيسوع المسيح عندما تأتي أوقات الشدة والأذى والتحدّيات الصعبة. فهدف الله في حياتنا هو أنْ نتشبّه به.
3. اختبارٌ لإيماننا الحقيقيّ
قد تحدث أشياء متنوّعة في حياتنا عندما تأتي هذه الظروف الصعبة، ومن بينها اختبار الله لمدى حقيقة إيماننا. إنّه يعلم ما إذا كان إيماننا حقيقياً أم لا، ولكنّه يريدنا أنْ نعرف أنّ إيماننا بيسوع المسيح صلبٌ كالصخر. لا يريد الله منّا في خضمّ هذه الظروف الصعبة أنْ نكون واثقين فحسب، بل أنْ يكون إيماننا مصقولاً نقيّاً.
يصف بطرس في رسالة بطرس الأولى 6:1-7 جميع الأشياء الرائعة التي تحدث للمؤمن فيقول، "الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". هذا جزءٌ ممّا سيصير عندما تأتي الأوقات الصعبة في حياتنا. سوف نُصقل ونتنقّى ونُختبَر حتّى يمكننا أنْ نعرف يقيناً ونشكر لله إذ نعرف أنّ إيماننا صادق وحقيقيّ.
4. وضع الطابع المسيحيّ
يحاول الله في بعض الأحيان أنْ يضع فينا الطابع المسيحيّ عندما تأتي الظروف الصعبة في حياتنا. يقول بولس، على سبيل المثال، في رسالة رومية 3:5-4، "نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً". الحياة المسيحيّة هي عمليّة متواصلة، أليس كذلك؟ لا أعرف أيّاً منّا دخل في ضيقةٍ في بداية إيمانه فقال، "هذه ليست مسألةٌ طبيعيّة، ولكنّها فائقةٌ للطبيعةّ!"
المسيرة المسيحيّة هي عمليّة متواصلة، وهي تسير خطوةً فخطوة. كلّما تقدّمنا في هذه العمليّة، أي في هذه المسيرة، نتعلّم أنْ نفتخر في ضيقاتنا. ولكنّنا لا نفتخر في ضيقاتنا لكوننا نحبّ إيذاء الذات، بل لأنّنا نعرف أنّ الله يريد أنْ يضع في حياتنا الصبر والتزكية والرجاء، وهو يستخدم الضيقات لتحقيق ذلك.
يرِد أحد المقاطع الأخرى المفضّلة لديّ بخصوص هذه المسألة في رسالة يعقوب 2:1-4، رغم أنّني أودّ أحياناً أنّ أمسك بقلم خطّاط أسود كبير وأشطبه (لم أفعل هذا بعد). يقول يعقوب، "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ (يا سيدي، إنّي لا أريد الاستمرار في هذا الوضع! لا، بل احسبْه يا بِلْ كلَّ فرحٍ)، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ". إنّ إرادة الله لحياتنا ليست أنْ نتجنّب الألم، بل أنْ نتشبّه بيسوع. وأفضل طريقةٍ يمكن أنْ يجعلنا بها الله أكثر تشبّهاً بيسوع، في ظلّ سيادته على جميع الأمور وفي محبّته وحنانه، هي سماحه بالظروف الصعبة في حياتنا.
لا يدعونا الله لمواجهة هذه الظروف الصعبة بالخوف بل بالإيمان، وذلك كي نصغي ونتعلّم وننمو في مسيرتنا. هكذا يُختبر إيماننا ويصير حقيقيّاً ونقيّاً، وهكذا نصير أكثر تشبّهاً بيسوع. يعرف كثيرون أنّنا فقدنا ابنتين عند ولادتهما، وعندما حدث ذك أخرجتُ قلماً خطّاطاً للمرة الأولى لشطب ذلك المقطع الصعب. لا أعرف كيف تصرّفت خلال تلك المرحلة، ولكنّني لم أعد مثلما كنت قبل خمسة عشر عاماً، ولم تعد روبِن مثلما كانت قبل خمسة عشر عاماً. يعود هذا كله إلى سيادة الله، ومحبّته، ونعمته، ورحمته. سمح الله بالظروف الصعبة في حياتي وفي حياة روبِن. وقال لنا في خضمّ هذه الظروف، "تماسكا في عواصف الحياة!". وهذا ما عملناه وما نحن عليه اليوم. يعني هذا أنّ طفلين آخرين ينتظراننا في السماء.
ج. الاستجابة بتجزئة الحياة
عندما تأتي الظروف الصعبة في حياتنا، يواجهنا السؤال، "كيف ستكون استجابتنا؟" نأمل أنْ نثابر متوقّعين معونة الله. ومع ذلك، فإنّي أعلم أنّ التجارب ستأتي: تجارب الهروب والاختباء، وتجارب عدم قبول الألم. سوف نتعرّض لتجربة عمل أي شيءٍ في وسعنا للابتعاد عن الألم وتجنّبه وإيقافه. من الطرق التي سنُجرّب بها لتجنّب الألم، من بين أمورٍ أخرى، هي تجزئة حياتنا. يمكنني قول هذا لأنّه ينطبق على جميع المسيحيين. نحن نُجرّب في تجزئة حياتنا إلى أقسامٍ ويقول كلٌ منّا، "يا الله، لن أعطيك نفسي بجملتها"، وبالتالي نغلق أبواب بعض الغرف في حياتنا. يقول المرء لله، "سوف أعطيك جانباً من حياتي، ولكنّني لن أعطيك ذلك الجانب الآخر لأنه مؤلمٌ للغاية، وهذا يؤذيني كثيراً".
كثيراً ما أنظر إلى الحياة وكأنّها لحافٌ مضلّع مكوّن من مربعات كثيرة. يقول كلٌ منّا، "يا الله، هذه المربعات مخصصةُ لك وسوف أقدّمها لك. أمّا المربعات الأخرى من حياتي فلن أقدّمها لك لأنّ هذا يؤذيني للغاية. إنّني لا أثق بك وأعتقد أنّك لا تريد لي الأفضل، ولذلك أظن أنّني أعرف أفضل منك وأريد الاحتفاظ بالجوانب الأخرى من حياتي لنفسي". هكذا تصبح الحياة مثل هذا اللحاف المضلّع. ربما يكون من الصعب أنْ يقبل المؤمنون الجدد هذا الكلام. لا أقصد أنْ أكون نذير شؤمٍ، ولكن عليكم أنْ تفهموا أنّ هذه التحدّيات سوف تنتظركم في حياتكم. ربما تكونون قد بدأتم بالفعل في الشعور ببعض الوخزات.
1. تجزئة الوقت
السؤال المهمّ هو، "ما الذي سيحدث عندما تتعرّضون لتجربة تجزئة حياتكم؟" على سبيل المثال، سوف تتعرّضون لتجربة تجزئة وقتكم. سوف يُجرّب كل واحدٍ فيكم للقول، "هذا المربع هو صباح الأحد. هذا هو الوقت الذي سأخصّصه لله، إلا أنني سأخصّص لنفسي أياماً أخرى وفترات زمنيّة أخرى. وهذه هي المربعات المختلفة من اللحاف. يا الله، لقد قدّمتُ لك هذه المربعات، ويجب أنْ تشعر بالسعادة بصباح أيام الأحد، ولكنّي سأحتفظ لنفسي بظهيرة أيام الأحد وبأوقات العمل أو بجميع فترات الأسبوع لأنّها تخصّني".
سوف تتعرّضون لتجربة تجزئة وقتكم. وسوف تتعرّضون لتجربة تجزئة أموالكم. ليتكم تدركون أنّ الله ليس بحاجةٍ لأموالكم لأنّ جميعها له، ولكنّ يسوع يقول، "لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا". هذه هي خلاصة الموضوع. سوف نتعرّض أيضاً لتجربة تجزئة أموالنا حتّى يكون لدينا مربع في اللحاف المضلّع من حياتنا يمثّل النقود الفراطة (الفكّة) التي نملكها. نقول لأنفسنا إنّ هذه الفراطة ليست كثيرة، وبالتالي لا تؤثر على أسلوب حياتنا. هذه هي فراطتنا التي يمكننا أنْ نلقيها لله. نقول لله، "يجب أنْ تفتخر بنا، يا الله". وبعد الفراطة نحافظ على بقية "نقودنا" في المربعات الأخرى من حياتنا. ويقول كلٌ منّا، "هذا المال ليس من شأنك، يا الله"، أو "إنّي بحاجةٍ إلى هذا المال لتكديس ثروتي وبناء أعمالي حتّي لا أضطر للوثوق بك في أثناء التقاعد"، أو "هذا المال مخصّصٌ لمنزلي الأكبر مساحة"، أو "هذا المال مخصّصٌ للسيارة الثالثة رغم وجود سائقين فقط في المنزل".
2. تجزئة المال
نحن نجزئ أموالنا وننسي بطبيعة الحال أنّ كل شيءٍ يعود لله، فهو يملك حتى أجسادنا إذ اُشترينا بالدم الثمين لحمَلِ الله ولا نملك أي شيءٍ. نحن وكلاء على ثروات الله، ومدعوّون لاستخدام أمواله لتحقيق أهدافه. عندما نقف أمام كرسيّ الدينونة، سوف نُحاسَب على كيفية إنفاق أموال الله. ومع ذلك، نحن معرّضون لتجربة التجزئة فيقول كلٌ منّا، "إليك الفراطة التي أملكها، يا الله، أمّا بقية أموالي فهي لي".
3. تجزئة العواطف
سوف تتعرّضون أيضاً لتجربة تجزئة عواطفكم. سيميل كلٌ منكم للقول، "سوف أحبّ الله في هذا الموقف وفي هذا المربع. ولكنّه لن يمتلك قلبي في الجوانب الأخرى من حياتي. لن أقدّم له عواطفي في هذه الجوانب الأخرى. أقدّم له عواطفي في هذا الجانب من حياتي، وسأذهب إلى الكنيسة صباح الأحد، وسأرسم على وجهى ابتسامة دينيّة جميلة. وعندما يسألني شخصٌ ما، "كيف حالك؟" سأقول، "بخيرٍ".أعتقد أنّ تعبير "بخيرٍ" يجب شطبه من قاموس اللغة لأنّه رهيب. كلمة بخيرٍ معناها "حياتي رديئةٌ حقاً الآن، ولكنّني غير متأكدٍ من أنّك مهتمٌ بأمري بما فيه الكفاية ومن ثمّ سأتغاضى عن الأمر". على الأقل هذا ما تعنيه هذه الكلمة في منزلي. سوف نذهب إلى الكنيسة، ونرسم على وجوهنا ابتسامات، ونقول للجميع إنّنا بخيرٍ، وسوف نرنّم أيضاً مبتسمين. ومع ذلك، لا يسعنا الانتظار حتّى نعود إلى المنزل لمطالعة المواقع الإباحيّة، أو لالتقاط تلك المجلات، أو للاعتداء جنسيّاً على الفتيان والفتيات الصغار. تقول الإحصاءات إنّ 50٪ من الذكور الأميركيّين يطالعون المواقع الإباحيّة مرةً واحدة في الأسبوع، و25٪ من النساء يتعرّضن للتحرّش الجنسيّ. أعرف هذا بالإحصاءات، فالكنيسة لا تختلف عن العالم.
يقول كلٌ منّا بالعاطفة، "آه، إنّي أحبك، يا الله"، ولكن لا يسعنا الانتظار حتّى نعود إلى المنزل لإلقاء نظرة على النساء العاريات على شبكة الإنترنت. هذا أمرٌ سخيف. هناك العديد من الجوانب التي ستتعرّضون فيها لتجربة التجزئة. سوف تتعرّضون لتجربة تجزئة لسانكم كأن يقول شخصٌ ما، "سوف أتوقف عن استخدام اسم الرب عبثاً، وربما سأتوقف عن هذه الشتيمة، ولكنّني لن أتوقف عن النميمة، والافتراء، والنقد اللاذع، والتقليل من قيمة الناس". تنتشر تجربة التجزئة في كل مكانٍ في واقعنا، وأتمنى لو كان هذا غير صحيحٍ. أتمنّى حقاً لو عمل الله الأمور على نحوٍ مختلف، فهو لم يسألني، ولكنّني أتمنى لو كنتُ موجوداً! أتمنى لو كانت الخطيّة تُمحى تماماً من حياتي حين أصبح مؤمناً، ولو لم تكن هناك تحدّيات أو خطيّة تشدّني.
4. قدّموا كل شيءٍ لله
أتمنى لو كنت أقدر أنْ أقدّم كياني بأكمله لله. أتمنى ألّا أغلق أبواب بعض الغرف في قلبي، ولكن هذه هي طبيعة الواقع. رأى الله، في محبّته وحكمته، أنّ هذه هي أفضل وسيلةٍ لعمل الأمور، وهو المحقّ وأنا المخطئ. وفي كل مرةٍ يكون الله هو المحقّ وأنا المخطئ. هكذا دعانا الله لنكون على مثال المسيح في الظروف الصعبة والأوقات العصيبة. علينا أنْ نفتح جميع أبواب غرف حياتنا ونرمي اللحاف المضلّع. ليكن البديل مربعاً واحداً كبيراً يمثّل حياتنا يكون كل جزءٍ فيه مخصّصاً لله. أخشى للغاية أنْ يتأثر حديثو الإيمان بهذا الكلام كثيراً فيهرب كلٌ منهم قائلاً، "مهلاً! لا علاقة لي بهذا الأمر على الإطلاق".
تذكّروا أنّ هذه هي مسيرةٌ، أي عمليّة، وهي ما نعمله خطوةً فخطوةً في الوقت نفسه. سوف نتعرّض في بعض الأحيان إلى تحدّيين أو ثلاثة تحدّياتٍ، ولكنّني لاحظت في كثيرٍ من الأحيان، على الأقل في حياتي، أنّ الله لا يسمح سوى بمشكلةٍ واحدة في كل مرةٍ. يقول الله، "حان وقت التعامل مع هذه المسألة في حياتك، يا بِلْ: فأنت لم ترّد ردّاً ملائماً على ذلك الشخص. في الواقع، أنت تميل لردّ الفعل العنيف تجاه للناس. حان الوقت لحلّ هذه المشكلة". أسوأ شيءٍ يمكن أنْ نفعله عندما تأتي هذه التحدّيات هو أنْ نجزّئها ويقول كلٌ منّا، "لا، سأقدّم لك هذا الجانب يا الله، ولكنّني سأحتفظ بهذه الجوانب لنفسي"، لأنّنا لم نتّفق على هذه الصفقة.
فَهِمْنا عندما صرنا مؤمنين أنّ يسوع هو المخلّص، والربّ، والسيّد، ونحن تلاميذه. يقول بولس لأهل كورنثوس إنّه يتعيّن علينا أنْ نمجّده بكل ما لدينا، بما في ذلك أجسادنا. بذل يسوع نفسه بأكملها عني وعنكم، ويتوقّع في المقابل نفوسنا بأكملها. ولهذا السبب أعتقد أنّه يدعونا أتباعه. يدعونا يسوع تلاميذاً لأنّه يريد تلاميذاً متفرّغين طوال الوقت ومكرّسين تمام التكريس. هذا هو الثمر الوحيد الذي يريده.
التربة الوحيدة المقبولة لدى الزارع في مثل الزارع هي التي طرحت ثمراً كاملاً. ينطبق هذا الأمر أيضاً على مجال التلمذة، فالشيء الوحيد الذي يقبله الله هو التلميذ المكرّس بالكامل ليسوع المسيح. ترد آياتٌ في الكتاب المقدّس تخبرنا بهذه المسألة كلها. يقول يسوع في الآية الأكثر أهمية عن التلمذة حسب اعتقادي، "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي (من أراد أنْ يكون لي تابعاً وتلميذاً وبي مؤمناً) فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي (مرقس 34:8).
إذا أردنا أنْ نكون أتباعاً ليسوع المسيح، فعلينا أنْ ننكر إرادتنا تماماً. علينا أنْ ننكر أنفسنا، ونحيا كل يومٍ حياة من صُلبوا عن إرادتهم. علينا أنْ نقول كل يومٍ ما قاله يسوع في البستان، "لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ". هكذا نتبعه كتلاميذٍ مكرّسين بالكامل. يقول يسوع أيضاً، "فَكَذلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا" (لوقا 33:14). ينطبق مثل الشاب الغني على كل واحدٍ منا، لأنّ الله يطالبنا بكل شيءٍ. يقول بولس في غلاطية 20:2، "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ (إنْ أردتم الإسهاب في المجاز، لم يقل بولس، "مع المسيح قُطعتُ"، أو "مع المسيح جُرحتُ"، أو ربما "مع المسيح شُوِّهْتُ"، بل "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، أي مُتُّ")، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ".
د. ما الخطأ في التجزئة؟
لا تضع رومية 1:12-2 في اعتبارها أسلوبَ الحياة الذي ينتهج سياسة اللحاف المضلّع. تدعونا رسالة رومية لتقديمِ أجسادنا وكياننا بأكمله قرباناً لله، وهذا يعني أنّنا لن نتشبّه بالعالم بل سنتحوّل من الداخل إلى الخارج. هذا هو التحدّي الذي سيواجهُهُ كلٌ منّا، وربما نواجهه الآن. ماذا سيحدث لو جزّأْنا حياتنا؟ ماذا سيحدث لو احتفظنا لأنفسنا ببعض جوانب حياتنا بعيداً عن الله؟ ما العواقب المترتّبة على رفضنا فتح جميع أبواب حياتنا؟
ينشأ عن ذلك في بداية الأمر إضرارٌ بعلاقتنا مع يسوع المسيح. سوف ندرك عندما نخطئ أنّنا انفصلنا عن الله. سوف نشعر بالذنب، وهذا شعورٌ جيّد، ولكنّنا سنشعر بالاكتئاب. وفيما تستمرّ الأمور على حالها ولا تتحسّن، سوف يبدأ الله في نزع سلامه من حياتنا، وسوف يبدأ في نزع بركته من حياتنا. نعلم أنّ الله يؤدب أولاده على خطاياهم في نهاية المطاف لأنّه الآب السماويّ المحبّ.
هـ. كفاية الصليب
تنصّ رسالة الإنجيل المذهلة على أنّ الله هو إله الرحمة والنعمة، فهو يبسط خيرَهُ على المحتاجين وغير المستحقّين. يمكننا بفضل رحمة الله ونعمته أنْ نوقف دوامة الخطيّة السحيقة هذه متى أردنا. يمكننا هدم الجدار الفاصل بيننا وبين الله، ويمكن أنْ يعود السلام والبركة إلى حياتنا. كل ما علينا عمله هو التوبة. كل ما علينا عمله هو الاعتراف. "نعم، يا الله، أقول مرةً أخرى إنكّ المحقّ وأنا المخطئ. مضيت في طريقي مرةً أخرى، وكان الطريق الخطأ. أنا آسفٌ حقاً". الله إله النعمة، وبالتالي سوف تغمرنا رحمته، وتزيل خطايانا كبُعْد المشرق عن المغرب.
سوف نستعيد بعد ذلك علاقتَنا مع الله، ونستردّ سلامَه وبركته. هذا جزءٌ من عقيدة كفاية الصليب التي تحدّثْنا عنها عدّة مراتٍ من قبل. كان موت يسوع المسيح على الصليب كافياً ليغطّي خطيّة العالم بأسره لجميع من يصرخون له طالبين الغفران. لا ينطبق هذا على الغفران الذي حدث عندما صرنا مؤمنين فحسب، بل أيضاً على الخطيّة التي سنرتكبها ونحن أولاده. مهما كانت خطايانا، ومهما كانت شناعتها، أو عدد المرات التي نرتكب فيها خطايانا المفضّلة (لكلٍ منّا خطاياه المفضّلة، أليس كذلك؟)، فإنّ الصليب كافٍ ليغطّي خطايانا.
و. ماذا لو لم نقدّم له كياننا بأكمله؟
إذا طلبنا الغفران من المسيح، فسوف يغفر خطايانا وسوف تتوقف دوّامة الخطيّة. وعندها تفيض المسيرة المسيحيّة بالفرح وبالحريّة، أليس كذلك؟ ففي محاباة الفريقين لا يوجد أيّ فرح. سوف نشعر بالتعاسة فيما نحاول محاباة الفريقين، ونعيش أسلوب الحياة الذي نخصّص فيه بعض الجوانب لله ونحتفظ لأنفسنا بالبعض الآخر، إلّا أننا سوف نشعر بالفرح والحريّة التي وعد الله بهما عندما نقول، "هوذا كياننا بجملته لك. جميع الأبواب مفتوحة". ولكننا للأسف لا نفعل هذا دائماً، أليس كذلك؟
1. نفقد ضماننا كمؤمنين
نحن لا نتوقف عن دوامة الخطيّة بصفةٍ مطلقة. بطبيعة الحال، هناك جانبٌ منّا يحبّ أنْ يخطئ حتى رغم كوننا أولاداً متجدّدين لله. لا نعترف بخطايانا أحياناً. ماذا سيحدث إذا استمرّت الخطيّة في حياتنا، واستمرّت الدوّامة في شدّنا أبعد فأبعد إلى عمق الوحل؟ (بالمناسبة، الوحل كلمةٌ يونانيّة مقبولة، وهي في الأصل "mukaes"). على الرغم من أنّ هذا الأمر يستغرق سنوات عموماً، إلّا أنّنا عندما نستمرّ في رفض الله والعيش في خطايانا، سوف نفقد الضمان بأنّنا مؤمنون، أي سنفقد الثقة بأنّنا أولاد الله. يقول الكتاب المقدّس، "لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ". لقد كنّا أمواتاً في ذنوبنا وخطايانا، ولكنّ الله انتشلنا من "وحل" الحياة ونقلَنا إلى ملكوته الأبديّ، لا لأيّ فضلٍ نستحقه ولكن لأنّه إله الرحمة والنعمة. كنت ميتاً في ذلك الوقت ولم أساعده على الإطلاق.
الخلاص بالنعمة، ولكنّ الله غيّرنا في التحوّل. وبما أنّنا أولادٌ متجدّدون لله، قال الله إنّه يريد أنْ تتغيّر حياتنا كذلك. تنطوي رسالة الكتاب المقدّس على فكرة أنّه إذا كانت حياتنا لا تتغيّر باستمرارٍ، فسوف نصل إلى المرحلة التي يجب علينا أنْ نتساءل فيها ما إذا كنّا مؤمنين حقاً. لن أسألكم هذا السؤال إذ أعتقد أنّ هذه ليست مهمتي. ومع ذلك، من خلال حثّ الروح القدس، ينبغي على كل واحدٍ منّا أنْ يسأل نفسه هذا السؤال، "هل أنا مؤمنٌ حقّاً؟ هل كان تحوّلي حقيقيّاً؟"
لا يأتي الضمان من حدثٍ واحد. لا يستند ضمان الخلاص على يدٍ مرفوعة أو صلاةٍ في المخيّم. يقول الكتاب المقدّس إنّ ضمان كوننا أولاد الله يرتبط بالحريّ ارتباطاً كليّاً بعمل الروح القدس في حياتنا. يهمس الروح القدس في أذني قائلاً، "نعم، يا بِلْ، أنت ابنٌ لله. انظر كيف تتغيّر حياتك". التغيير الذي يحدث في حياتنا هو جزءٌ من أساس ضماننا بأنّنا في الواقع أولاد الله. إنّني لا أختلق هذا، فهو موجودٌ في الكتاب المقدّس.
من بين العديد من المقاطع، يقول يوحنّا في رسالة يوحنّا الأولى 3:2، "وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ". بهذا نعرف أنّنا في علاقةٍ مع الله، وأنّنا مؤمنون. هل نعرف أنّنا مؤمنون "إنْ" رفعنا أيدينا في كنيسة المخيّم، وذهبنا إلى الكنيسة مرتين في السنة؟ لا! بل "إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ". يكمن هنا ضماننا بحفظ الوصايا، ليس كمحاولةٍ لكسب رضا الله، ولكن كردّ فعلٍ على الحياة المتغيّرة. "مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» (من قال «إنّي مؤمنٌ») وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ (هل سيملك بيتاً أصغر في السماء وستفرض عليه المزيد من المهام الوضيعة؟ لا!)، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ". يقول يوحنّا إنّنا نريد الحق فينا، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا الوصول بها إلى السماء، والطريقة الوحيدة لتكوين علاقة مع الله. "وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ". هذه هي الحياة المتغيّرة. يقول يوحنّا مرةً أخرى، "بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا".
ينبع ضماننا وثقتنا المطلقة الصلبة كالصخر بأنّنا أولاد الله من خلال عمل الروح القدس الذي يؤكد في أرواحنا، حسب رسالة رومية 8، أنّنا أولاد الله وكأنّما يقول لي، "انظر إلى حياتك، إنّها تتغيّر". هل تعتقد أنّك فعلت هذا بنفسك؟ هل تعتقد أنّ الشيطان أراد لحياتك أنْ تتغيّر؟ كلّا، فهل توجد قوةٌ في هذا الكون قويةٌ بما فيه الكفاية لتغيير قلبك، يا بِلْ؟" ليست هناك سوى قوةٍ واحدة قويّة بما فيه الكفاية لتغيير قلوبنا، وهي قوة الروح القدس. التغييرات الحادثة في حياتنا هي جزءٌ من ثقتنا بأنّنا أولاد الله.
لا بدّ أنّه كان من المرعب للغاية على شعب كنيسة لاودكية أنْ يتلقّوا سفر الرؤيا مكتوباً. هل يمكنكم أنْ تتخيلوا قراءة رسالةٍ كتبها يوحنّا الرسول يقول فيها، "إلى الذين يذهبون إلى كنيسة شيلوه هيلز Shiloh Hills Fellowship... (إحدى كنائس سبوكين بواشنطن). هذا هو ما يحدث في سفر الرؤيا! يتحدّث الروح إلى سبع كنائس، ويقول لملاك كنيسة لاودكية، "أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ (أنا عارفٌ حياتك)، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا. هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي" (الرؤيا 15:3-16).
هكذا ترون أنّه ليس هناك مقعد خلفيّ في السماء، أليس كذلك؟ غالباً ما نفكر أنّ المؤمن الجسديّ هو مؤمن من المستوى الثاني أو ما شابه، أمّا المؤمنون في لاودكية (وفي كنيسة شيلوه هيلز كما أتوقّع أيضاً)، أو الأشخاص الذين يزعمون بأنّهم مؤمنون فهم فاترون وسوف يتقيأهم الربّ من فمه. يقول يوحنّا في الآية 19، "إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ". هذا هو ما يحدث عندما نحبّ أنْ نخطئ، أي عندما تكون جوانب خطيتنا مخفيّة، ونظنّ أنّه لا أحد يستطيع أنْ يراها إلى أنْ يطالع شخصٌ ما سجّلَ تصفّحنا للإنترنت، ويكتشف ماذا كنّا نفعل. عندما نتشبّث بالخطيّة نفقد ثقتنا بأننا مؤمنون في الأساس.
2. مقاطع تحذيريّة
مهلاً، فالأمورتزداد سوءاً! هناك مجموعةٌ كاملة أخرى من الآيات التي نسمّيها المقاطع التحذيريّة. لا تستهدف هذه المقاطع مَنْ يكملون جهادهم أو ربما يسقطون فيعترفون. تستهدف المقاطع التحذيريّة في الكتاب المقدّس الأشخاص الذين ربما اعترفوا بإيمانهم في رحلة مخيّم، أو ما شابه. (لا تسيئوا فهمي، فأنا أحبّ المخيّمات). تستهدف هذه المقاطع من يصادفون في حياتهم حدثاً روحيّاً يتفوّهون فيه باعتراف الإيمان، ويظنون أنّهم حصلوا على "بطاقةٍ مجانيّة للخروج من الجحيم"، أي يقولون لأنفسهم، "يمكننا أنْ نعيش بأية طريقةٍ كانت، فالأمر لا يهمّ". لا تتغيّر حياتهم، ويعتقدون أنّهم عندما يقفون أمام كرسيّ الله للدينونة، يمكنهم أنْ يقدّموا له بطاقة برتقاليّة تشبه بطاقات الملاحظات قائلين، "نحن خرجنا من الجحيم مجاناً!" فينظر إليهم الله ويقول، "ما هذا؟ لم أرَ شيئاً مثل هذا قط. ألم تسمعوا كلامي؟" تستهدف المقاطع التحذيريّة هؤلاء الناس.
تقول بشارة يوحنّا 31:8، "إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي". يتّضح من هذا أنّه إنْ لم نثبت في كلامه، فلا نكون تلاميذه، أليس كذلك؟ يقول يسوع، "وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ" (متّى 24:13). رغم أنّ البداية الحسنة أمرٌ مهمّ، إلا أنّ الختام الحسن هو الأهمّ، فمن يصبر إلى المنتهى سوف يخلص. يقول بولس لأهل كولوسي في رسالة كولوسي 23:1 إنّهم تصالحوا وتصادقوا مع الله، "... إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ". تنتشر أقوى المقاطع التحذيريّة في جميع فقرات الرسالة إلى العبرانيين. تقول الآية 14:3، "لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ".
ز. الله سوف يُمكّننا
هذه الآيات ليست سارّة ولكنها مخيفة، أليس كذلك؟ ولكن كيف يمكننا أنْ ندرس سلسلةً مكوّنة من اثني عشر درساً بخصوص ما يقوله الكتاب المقدّس للمؤمنين الجدد ولا نعرف أنّه ستكون هناك تحدّياتٌ قادمة؟ ومع ذلك، سوف يُمكّننا الله من المثابرة والثبات والتحمّل لأنّه إله النعمة والرحمة، وسوف يعمل في ظلّ ظروفنا الصعبة، وسوف يصقل إيماننا، وسوف يثبّته، وسوف يُصيّرنا شعباً له لأنّه يريدنا أنْ نكون مشابهين ابنه.
كوننا مشابهين لابنه هو أهمّ من أي شيءٍ آخر. ولكنّنا نخطو تلك الخطوة في خضمّ هذا كله. نقدّم أجسادنا ذبيحةً حيّة. ونرفض، من خلال قوة الله، أنْ نشاكل هذا الدهر، بل نتغيّر عن شكلنا بتجديد أذهاننا. عندما صرنا مؤمنين أصبح يسوع مخلّصنا، ولكنّه أصبح ربنّا أيضاً. يدعونا السيّد لكي ننمو في تقديسنا، ولكي نتشبّه بالعالم أقلّ فأقل. النداء الأخير الذي أقدّمه، وخصوصاً للمؤمنين الجدد، هو ألّا تخافوا لأنّ فرح الحريّة المسيحيّة يكمن في هذه العملية، خطوةً فخطوة. يمكنكم أنْ تخطوا الطريق بينما تفتحون الأبواب، وتتخلّصون من اللحاف المضلّع، مكّرسين أنفسكم لله حتى يمكّنكم ويقوّيكم ويقودكم خطوةً فخطوة. سوف تتغيّرون من إحدى درجات المجد إلى الدرجة الأعلى كما يقول بولس لأهل كورنثوس.
تحدّثت بعد الخدمة الأولى مع إنسانةٍ صارت مؤمنة في الأسبوع الماضي. سألتها ما إذا كان الأمر صعباً بالنسبة لها، فأجابت، "لا، فأنا أعرف ما ينتظرني في المستقبل، إنّني متحمسةٌ!" آمل أنْ يكون هذا موقفكم أيضاً. سوف نخيب، وهذا ليس حسناً، ولكنّ الله سيكون بجانبنا. إنْ اعترفنا بخطايانا سيغفرها. يهبنا اللهُ الروحَ القدس لمساعدتنا على طاعته، ثم يدعونا لتقديم أجسادنا ذبيحةً حتّى لا نشاكل هذا الدهر بل نتغيّر عن شكلنا بتجديد أذهاننا. هذه هي إرادة الله لحياتنا ولتقديسنا. وبالتالي، فإنّ الأسئلة المطروحة ببساطةٍ هي: "هل تتغيّر حياتكم؟ هل بدأت حياتكم في التغيّر؟ هل تستمرّ حياتكم في التغيّر؟ هل تصيرون خطوةً فخطوةً تلاميذاً مكّرسين بالكامل ليسوع المسيح؟" أصلّي أنْ تكونوا كذلك.