- Classes
- Certificates
- My Account
- Donate
- Search
Search
التحوّل 01
المحتويات
الدرس الأول ■ بدء حياتك الجديدة
أودّ أن أبدأ الحديث معك، أيها المؤمن الجديد، حول تحولك الدينيّ. أودّ أن أثني على قرارك، وأتحقق ما إذا كانت لديك أي أسئلةٍ أساسية، وأشحذ ذهنك بما حدث عندما أصبحت تلميذاً ليسوع المسيح وابناً لله. إذا كنت غير متيقّنٍ من أي شيءٍ أقوله، فمن فضلك اسأل الشخص الذي يجلس إلى جانبك، وسوف يشرح لك. أرجو أنْ تدرك أيضاً أنه خلال الأسابيع الأحد عشر المقبلة، سوف أوضح تفاصيل ما أتحدّث عنه اليوم. رغم أنّ هناك العديد من الآيات أو المقاطع التي يمكنني أنْ أستشهد بها، أودّ أنْ أبني حديثي على أساس أشهر آيةٍ في جميع العصور، وهي الآية التي تقول عن يسوع ما يعرفه كثيرون من البشر في سائر العالم، أي يوحنا 16:3 "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". أودّ أن أستخدم يوحنا 16:3 وأتناولها بالتفصيل بينما أتحدث عن تجربة تحوّلك.
لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ
لاحظ أنّ نقطة انطلاق يسوع هي حقيقة وجود الله. فالله ليس قوةً مجرّدة، أو مصيراً مجهولاً، وليس هو الطبيعة الأم. الله هو إلهٌ قريبٌ مفعم بالمحبة؛ وهذا الإله المحبّ خلق العالم وخلق البشر كي يسكنوا العالم. يقول الكتاب المقدس إنه خلق الإنسان على صورته حتى يمكننا، من بين أمورٍ أخرى، أن نتواصل مع خالقنا ونكوّن علاقة معه. لا يستطيع الكلب أن يعيش في علاقةٍ مع الله. أما نحن فقد خلقنا الله على صورته، وصنعنا للعيش في تواصل ومشاركة وعلاقة مع خالقنا. كان أبوانا الأوّلان، آدم وحواء، يسيران في الجنة مع الله. بغضّ النظر عمّا يمكن أن نسمعه، فإن عملية الخلق ليست من قبيل المصادفة، كما أننا لسنا مجرّد صُدَفٍ حدثت بالطبيعة؛ لسنا حثالة بدائية جرفتها الأمواج على الشاطئ ثم أصبحت كائناتٍ بشرية بعد ملايين السنين.
لقد خلقنا تتويجاً لجميع المخلوقات. خلقنا الله قصداً. تشير قصة الخلق في الفصلين الأول والثاني من سفر التكوين (أول فصلين في الكتاب المقدس) بجميع تفاصيلها إلى خلق البشر. لقد خُلِقنا بمعنى وبغرض؛ وجزءٌ من ذاك المعنى والغرض هو أن نحيا في تواصلٍ ومشاركة وعلاقة مع خالقنا. ثم حدث شيءٌ فظيع لهذا العالم، وعلينا أن نعرف أنّ الله لم يتفاجأ. فالله كان يعلم أنّ هذا سيحدث قبل أن يخلق أي شيءٍ ومع ذلك فقد خلق كلّ شيءٍ. تلقّى آدم وحواء، أبوانا الأولان، وصيةً سهلة بسيطة: من جميع شجرالجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. وإني لأتساءل كم مرةٍ في السماء سيكون آدم مضطراً للاعتذار: "أعرف أنني مخطئٌ، أنا مخطئٌ. كل ما كان ينبغي أن أفعله هو شيءٌ واحد فقط ... " يسعدني أنني لست آدم. كانت هناك وصيةٌ واحدة عليه أن يحفظها. واتّباع هذه الوصية الواحدة معناه أنه وزوجته سيبيّنان مدى محبتهما لله. كان اتّباع وصية الله معناه أنهما يقولان: "نعم، نحن نخضع لسلطانك." "أنت الله ونحن بشرٌ". ولكننا نقرأ في الفصل الثالث من كتاب التكوين أنّ آدم وحواء اختارا عمداً عصيان تلك الوصية الوحيدة، فقد أخطأا وأكلا من ثمر تلك الشجرة.
وبعد ذلك انفصلا عن الله نتيجة تلك الخطية. انفصلا جسدياً بطردهما من الجنة، ولكنهما انفصلا أيضاً عن الله معنوياً. كانا يعاديانه ويبتعدان عنه. يقول إشعياء النبيّ: "بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ" (إشعياء 2:59). انفصلنا عن إلهنا القدّوس، وخالقنا القدّوس؛ وهذه هي عاقبة الخطية. عاقبة الانفصال عن الله هي الموت الذي هو في الواقع انفصال أبديّ.
يقول الكتاب المقدس "أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ"، أي انفصالٌ أبديّ عن الله. ما كان ينطبق على آدم وحواء ينطبق الآن على جميع الناس. يقول الكتاب المقدس "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ". الجميع ارتكبوا الخطية، والجميع فعلوا ما أنهانا عنه الله، ولذلك فنحن جميعاً، بصرف النظر عن عمل المسيح الذي سنتعرّف عليه لاحقاً، نعيش حياةً منفصلة منصرفة عن خالقنا وعدائية له. ورغم أنّ إلهنا هو إله المحبة، إلا أنه أيضاً إله العدالة. والله العادل لا يتساهل في الخطية ضد الله القدوس دون عقابٍ، وبالتالي يوجد عقابٌ للخطية والانفصال. إلا أنّ الأخبار السارة هي أنّ الله هو أيضاً إله المحبة بقدر ما هو إله العدالة.
"حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ"
يستطرد يسوع حديثه في يوحنا 16:3 قائلاً: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ". لقد أحبّ حتى إنه بذل ابنه الوحيد. بذل ابنه الوحيد ليعيش على الأرض حياة الكمال ويموت على الصليب.
1. ما حدث بالفعل على الصليب
ماذا حدث بالفعل على الصليب؟ كان ما حدث أبعد بكثيرٍ من مجرّد موت إنسان. عاش يسوع حياة الكمال، وعاش حياةً بلا خطية. ولهذا عندما مات، لم يكن موته ثمناً لخطيته، لأنه لم يرتكب خطية، ولكن موته صار ثمناً لذنبك وذنبي. ولأنّ موته صار عقوبة خطايانا، فإن الغفران متاحٌ الآن. كتب إشعياء النبي، الذي عاش قبل زمن المسيح بنحو 700 عاماً، ما كان سيحدث على الصليب في نبوةٍ مذهلة. "لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا (يسوع) وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللَّهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ (عقاب) سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ (على يسوع) إِثْمَ جَمِيعِنَا" (إشعياء 4:53-6)
يكتب بولس الرسول لاحقاً في العهد الجديد: "لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا". عاش يسوع حياة الكمال. ولم يكن موته عقوبةً لخطيته هو، وبالتالي، صار موته وسيلة غفران الله لذنبك ولذنبي، فالغفران متاحٌ. هناك هوةٌ موجودة بيننا وبين الله بسبب خطايانا. لكن موت يسوع على الصليب سدَّ تلك الهوة. فيسوع على الصليب جعل العلاقة مع الله ممكنة. أتاح لنا يسوع على الصليب إمكانية العودة إلى الجنة، والسير مرةً أخرى مع الله. عندما أسمع ذلك يتبادر إلى ذهني سؤال: كيف يكون هذا ممكناً؟ (ولكن عندما تفكر في الأمر، لا يكون الجواب واقعياً). كيف يمكن لموت إنسانٍ واحد أن يسدّد عقوبة خطايا جميع الرجال والنساء والأطفال؟ كيف يُعقل ذلك؟ الجواب هو "لا أعرف". لا يوضح الكتاب المقدس أبداً إمكانية ذلك بالتفصيل، ولكنه على الأقل يعطينا جزئين من الجواب عن كيفية قدرة موت يسوع على تسديد عقوبة خطايانا.
2. قلب الله الرحيم
أحد الأجوبة هو أنّ هذا متأصلٌ في قلب الله الرحيم وراجعٌ لرحمة الله ولنعمته. فنحن لا نستحقّ الغفران. يتساءل يسوع: "مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" والجواب هو لا شيء؛ فنحن ليس لدينا ما نعطيه. ومهما بلغ نشاطنا الدينيّ ومهما تفّوقْنا في تقوانا على جيراننا فلن يكفينا ذلك لنوال المغفرة على خطايانا. الجواب متأصلٌ في قلب الله الرحيم. نحن نفهم أننا لا نستحق الخلاص. لكن الله قرر، بصلاحه ورحمته تجاه الخطاة غير المستحقين، أنّ موت ذبيحةٍ بريئة من شأنه أن يسدّد عقوبة الخطية عن شخصٍ آخر – وهذه هي الرحمة! صُمّم نظام الذبائح بأكمله، طوال زمان العهد القديم حتى الصليب، ليعلّمنا أنّ موت ذبيحةٍ بريئة يمكنه أن يسدّد عقوبة الخطية عن شخصٍ آخر لأنّ الله إلهٌ رحيم.
3. من هو يسوع
تكشف شخصية يسوع عن الجزء الآخر من الجواب على مسألة كيفية قدرة موت يسوع على تسديد عقوبة خطيتك وخطيتي. فيسوع لاهوتٌ كامل وناسوتٌ كامل، وبفضل التجسد استطاع أن يحمل خطية العالم ويسدّد عقوبة خطيتك وخطيتي. إذا عشتُ حياة طاهرة ثم مُتّ، فلا يمكنني أن أسدّد ثمن خطيتك، أليس كذلك؟ كان على يسوع أن يكون لاهوتاً كاملاً، لأن الله وحده يمكنه تحمّل ثقل عقوبة جميع الخطايا. يقول الكتاب المقدس إنه عندما عُلّق يسوع على الصليب، فإن الله جعله خطية. لم يُعاقَب يسوع فحسب، ولكنه في الواقع صار خطيةً. لقد جُعِلَ يسوع جميع الخطايا التي ارتكبها أو سيرتكبها جميع الناس في جميع العصور. لم يستطع أي إنسانٍ على وجه الأرض أن يحمل هذا العبء، ففي كل مرحلةٍ من مراحله كان الأمر سيبدو مستحيلاً. كان على يسوع أن يكون الله لكي يحمل عبء خطيتك وخطيتي وخطية جميع الناس عبر كلّ العصور.
ومع ذلك، هناك أيضاً جانبٌ في قلب الله يقول إنه طالما ستكفر عن خطايا البشر، فعليك أيضاً أن تكون من بني البشر أيضاً. ولذلك، كان على يسوع أن يصير إنساناً كاملاً طالما أنه كان سيحمل خطية جميع البشر. يسجّل كاتب سفر العبرانيين: "مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلَّهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ". لا أستوعب تماماً كيف يمكن لموت يسوع أن يسدّد عقوبة خطيتي أو حتى خطيتك. ومع ذلك، فإني أعرف أنّ هذا السر مختومٌ في قلب الله الرحيم، وأن الله كان عليه التكفير بنفسه، ولكن الكفارة كانت تستلزم إنساناً من أجل غفران خطايا جميع البشر.
"لِكَيْ ... كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ"
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ..." ثم يمضي يسوع في يوحنا 16:3 كاشفاً عن ردّ فعلنا "لِكَيْ ... كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ".
1. كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ
إن تعبير "كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ" تعبيرٌ مهم حقاً، أليس كذلك؟ فهو يخبرنا أنه لا أحد يستعصي على سلطان يسوع في الخلاص. عندما صرخ يسوع عن الصليب، كانت كلماته الأخيرة هي «قَدْ أُكْمِلَ»، ثم نَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. لقد كان يعني ما كان يقوله. أكمل المهمة التي أرسله الله الآب من أجلها إلى الأرض، أي أن يكون كفارةً عن خطايا البشر. أدّى المهمة بنجاحٍ، وأكملها، وأتمها. والآن عندما نصرخ طالبين المغفرة، فالله قادرٌ أن يغفر "لكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ" بغضّ النظر عما ارتكبناه أو ما سنرتكبه. كان من الممكن أن يقول أيضاً "كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بي". من المهم أن "نعرفه" معرفةً شخصية. لا شيء مما يلي يمثّل المسيحية:
· المسيحية ليست ديانة. فالديانة معناها بحث الإنسان عن الله.
· المسيحية ليست فلسفة أو مجموعة من الأفكار الصالحة.
· المسيحية ليست مجموعة من التعاليم.
· المسيحية ليست مبنى كنسياً أو منظمة دينية أو طريقة دينية للتفكير.
· المسيحية ليست قائمة بالأوامر والنواهي.
· المسيحية ليست تشنجاً روحياً نتلو فيه صلاة سحرية ونرفع بدموعٍ أيادينا ظانين أنّ هذا هو كل شيءٍ.
المسيحية هي إيماننا بيسوع. إنها علاقةٌ شخصية مع الله، وهي علاقةٌ مُمْكنة بفضل ما فعله يسوع على الصليب من أجلك ومن أجلي.
المسيحية علاقةٌ نصل بها إلى الديار، ونعود بها إلى الجنة، ونسير مرةً أخرى مع خالقنا وإلهنا.
2. لا "يؤمن" فحسب
" كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِبه..." لاحظ أنّ يسوع لا يقول "من يصدّقه". فالاعتقاد والإيمان والثقة حسب الكتاب المقدس تعبيراتٌ لغوية تصف المفهوم نفسه. الإيمان الكتابيّ ليس موافقة فكرية وليس معناه مجرد الاعتقاد بيسوع. الإيمان الكتابيّ ليس معناه حتى الايمان بالله، أي الإيمان بوجود الله. في الواقع، إذا قال أحدٌ ما إنه مسيحيٌ، وإنه يصدّق يسوع ويؤمن بوجود الله، فالجواب الوحيد هو: وماذا في ذلك؟! الشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! عندما ترى الشياطين يسوع قادماً، فإنهم يعرفون تماماً من هو ويصرخون "مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟" الشياطين يؤمنون بوجود الله. وهم يعرفون من هو يسوع، ومع ذلك فسوف يحترقون إلى الأبد في الجحيم.
الإيمان الكتابيّ ليس موافقة فكرية، ولا مجرّد الإيمان بوجود الله، وليس معناه الاعتقاد بأنّ الله سوف يهتم بجروحنا وآلامنا. الإيمان الكتابيّ ليس هو الاعتقاد بأن الله سيغيّر حياتنا ويمنحنا هدفاً وفرحاً؛ فهذه التعريفات جزءٌ من المعنى، ولكن هذه كلها لا تعني التحول. فالتحول هو اختبار من يؤمنون بيسوع المسيح.
3. يؤمن
كُتِبَ هذا الجزء من الكتاب المقدس في الأصل باللغة اليونانية. يخرج يسوع عن مساره مستخدماً قاعدة نحوية عامية باللغة اليونانية لتوضيح الفكرة. في جميع الآداب اليونانية المسجلة، لا يستخدم أحدٌ العبارة التي يستخدمها يسوع هنا. لو قررت ترجمتها بالضبط، فسوف تكون "كل من يؤمن به". والنحو باللغة اليونانية لهذه الجملة رديء، ولكنها رائعة في لاهوتها.
الإيمان الكتابيّ معناه أننا لا نعود نؤمن بأنفسنا. الإيمان الكتابيّ معناه أننا لا نعود نثق بأنفسنا. الإيمان الكتابيّ معناه أننا نقلنا ثقتنا من أنفسنا وحوّلناها إلى يسوع. الإيمان الكتابيّ معناه أننا تعهّدنا بالثقة بيسوع، وليس بأنفسنا. الإيمان الكتابيّ معناه أن نطرح أنفسنا بين ذراعي خالقنا المحب، واثقين به تماماً بخصوص كل شيءٍ: الغفران، والخلاص، والرعاية، والدعم، وجميع الأشياء التي نحتاجها كبشر. الإيمان الكتابيّ معناه أننا طرحنا أنفسنا بين ذراعي الله ووثقنا به بخصوص كل شيءٍ. وهذا بعيدٌ كل البعد عن مجرد الاعتقاد بيسوع، أليس كذلك؟
4. المزمور 23
ترد واحدةٌ من أكثر المقاطع المفضّلة في الكتاب المقدس في سفر المزامير. يمكننا أن نرى من هو يسوع في الفصل 23 من المزامير. إذا كنا ملّمين بالضمائر، فيمكننا استيعاب معنى الإيمان بيسوع. يكتب المرنّم "اَلرَّبُّ رَاعِيَّ". فكر في العلاقة القائمة بين خرافٍ غبية مغفلة كريهة الرائحة تعضّ وتركل وبين الراعي. "اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ". إليك الآن الضمائر "فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً (هل لأنني إنسانٌ قوي مستقل ويمكنني التعامل مع جميع مواقف الحياة؟ لا!) أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ (يا الله) مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ (محضر) الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ. (المزمور 1:23-6)
عندما نقرأ المزمور 23 بهذه الطريقة، فإننا نستشعر معنى المسيحية، والتلمذة، وتبعية يسوع، فهي إدراك كوننا خرافاً أغبياء خاطئين وكوننا بحاجةٍ إلى راعٍ. وراعينا لا يقدّم لنا الغفران فقط، لكنه يوفّر لنا كل ما نحتاجه: مياه الراحة، والمراعي الخضراء، والحماية من أعدائنا. "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
5. ليس الخلاص شيئاً نكتسبه
هناك نتيجةٌ مهمة للغاية أريد الإشارة إليها إذا أردنا أن نفهم هذه الآية الواردة في يوحنا 16:3. إذا فهمنا أن الخلاص ليس شيئاً نكتسبه، ولكنه شيءٌ يوفره الله لنا، فمن السهل جداً أن نفهم أنّ الخلاص ليس معناه أداء واجبات دينية، لكن الخلاص بالإيمان. عندما أصبحنا تلاميذ ليسوع المسيح، فإننا لم نأتِ إليه بأعمالنا الصالحة ولسان حال كلٍ منا "مهلاً، أنت مدينٌ لي. فأنا لم أضرب زوجتي مؤخراً." "لم أركل كلبي مؤخراً". "لم أتهرّب من الضرائب مؤخراً". "إني أذهب إلى الكنيسة أحياناً، حتى إني دفعت دولاراً في العام الماضي".
نحن لا نأتي إلى الله بأشياءٍ في أيدينا وكأننا نستطيع أن نكتسب الخلاص أو المغفرة. عندما نفهم معنى الخلاص، فإننا ندرك أنه ببساطة بالإيمان. الخلاص هو الثقة بأننا عندما نطرح أنفسنا بين ذراعي يسوع، فسوف يمسكنا ويخلصنا. يقول الكتاب المقدس "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا". فنحن لا ننال الخلاص ولا نصير تلاميذ ليسوع المسيح بأشياءٍ نعملها كما لو كنا نكسب رضا الله، ولكن بالإيمان أن الله أكمل في المسيح ما لم نستطع أن نكمله لأنفسنا البتة.
يكتب بولس إلى كنيسة أفسس قائلاً "لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ" (أفسس 8:2-9). تقول كلمات ترتيلة "مات المخلص البار، وحُسبت نفسي الخاطئة حرة، سُرّ الله العادل أن ينظر إلى يسوع ويغفر خطاياي." يدرك كاتب هذه الترتيلة وجميع تلاميذ يسوع مسيح الحقيقيّين أننا لن ننال الغفران نظير أشياءٍ عملناها، ولكن لأنّ الله أتمّ بيسوع أشياءً معينة. فالله الآب، الذي هو محبٌ وعادل، سُرّ برحمته ألّا ينظر إلى خطايانا، بل إلى كمال يسوع وألّا يعاملنا كما نستحقّ، بل كما يستحقّ يسوع. ليس الخلاص شيئاً نعمله لأنفسنا، لكن الخلاص هو ما عمله الله لنا ونحن نستجيب بالإيمان مؤمنين وواثقين أنه كذلك.
6. الخلاص هو الإيمان بيسوع
الطريقة التي نصبح بها تلاميذ أو أتباعاً أو مسيحيين، مهما كانت التعبير الذي تريد استخدامه، ليست عن طريق أداء واجبات دينية لكسب رضا الله. نحن نصبح تلاميذ ليسوع المسيح بالإيمان بشخصية يسوع حسب تأكيداته عن نفسه وبأنه عمل ما قال إنه عمله. نحن نؤمن أنّ يسوع هو من يقول عن نفسه إنه هو. يقول يسوع: "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي." نحن نؤمن أنّ يسوع وحده يمنح مغفرة الخطايا، وأنه وحده يوفّر لنا الدخول للشركة والعلاقة مع خالقنا؛ وأنه بعيداً عنه سوف نموت وحيدين بسبب خطايانا ونقضي الأبدية بعيداً عن محضره في مكانٍ يُدعى الجحيم.
نحن نؤمن به بحسب تأكيداته عن نفسه. ونؤمن أنه عمل وسيعمل ما قال إنه عمل وسيعمل. قال يسوع: "لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ". نؤمن أنّ يسوع قدّم الفدية، وسدّد الحساب ليضمن تحريرنا من الخطية. ونؤمن أنه عندما صرخ يسوع «قَدْ أُكْمِلَ»، كان قد أتم العمل على الصليب، وغفران خطايانا الآن ممكن، ويمكننا الاقتراب من خالقنا. التلاميذ هم الذين يؤمنون بيسوع بحسب تأكيداته عن نفسه وبأنه عمل ما قال إنه سيعمله.
"لاَ يَهْلِكَ ... بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ"
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ (وليس بنفسه)، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3). إذا عشنا حياتنا منفصلين عن خالقنا، فإنّ الخيار الوحيد المتاح لنا هو الهلاك. الجحيم مكانٌ حقيقيّ للغاية؛ فنحن نشعر به رغم اختلاف المكان والزمان. أليس كذلك؟ الجحيم مكانٌ حقيقيّ وكل ما أريد قوله هو "إنك لا تودّ في قرارة نفسك أن تذهب إليه". مات يسوع لكي لا نهلك، بل تكون لنا الحياة الأبدية. نحن نفهم أن الموت هو عبورٌ إلى الحياة الحقيقية في شركةٍ كاملة مع خالقنا. ومن عجائب الإنجيل أننا نتذوق بعض امتيازات الحياة الأبدية من حينٍ لآخر، حتى قبل الموت، فقد نلنا الولادة الجديدة، ولنا أبٌ جديد. ولدينا أسرةٌ جديدة فيها إخوة وأخوات جدد. ولدينا ميراثٌ جديد ينتظرنا في السماء. نحن غرباء الآن على هذه الأرض الكريهة ولكن مواطنتنا في السماء.
نحن نعيش حياتنا متطلعين إلى الأمام ومتشوقين للعودة إلى الديار وللسير من جديدٍ في الجنة مع الله. ومع ذلك، سيبقى الألم والمعاناة والموت في كل مكانٍ حولنا. وماذا أيضاً؟ سوف يتعرّض إيماننا الجديد للاضطهاد. لن يفهم أصدقاؤنا سبب تغيّرنا. وبتعبير بولس سوف نصبح "رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ" ولكننا سنكون رائحة ذكيّة لله. سوف ننعم بحياةٍ جديدة يغمرها الفرح الحقيقيّ الذي يتطلّع فيما وراء ظروف حياتنا. إنه فرحٌ حقيقيّ يستند على حقيقة أن فراغ نفوسنا قد ملأه خالقنا. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
حساب النفقة
يقول يسوع أيضاً إن علينا أن نحسب النفقة قبل أن نتّخذ قرار الإيمان به، لأن الأمور لن تبقى على مجراها. الخلاص مجانيٌ تماماً ولكن لا أحد يستحقّه أبداً. لا يمكنك عمل أي شيءٍ كي تكسبه. ولكن عندما نتخذ قراراً باتّباع يسوع المسيح، فسوف يكلفنا كل شيءٍ لأن التلمذة لا تكون تلمذة إلا في ظلّ ربوبية يسوع المسيح. يقول لنا بولس "لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ". لماذا؟ "لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ. ويقول بطرس "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ".
إن دم المسيح هو الثمن الذي دفعه الله ليفدينا من هوّة الجحيم. أما الآن فنحن تلاميذ يسوع المسيح ننتمي إليه ونحيا حياةً انكسر فيها طغيان الخطية وانفلت سلطانها. لا نعيش حياة الحرية والفرح فحسب، ولكننا نعيش أيضاً في ظلّ سلطانه ولمجده. وفي أكلنا وفي شربنا وفي كل ما نعمله، فإننا نعمله لمجد الله. وبذلك نكون قد حسبنا النفقة واتخذنا قرار اتّباع يسوع فرحين. عندما اتخذنا قرارنا، حلّ روح الله القدوس في حياتنا، وجدّدنا وصيّرنا أشخاصاً جدداً، ومنحنا الولادة الجديدة. لقد وُلدنا من جديدٍ. يحلّ روح الله فينا ويهدينا ويوجّهنا ويمنحنا القدرة على التغيير.
هدف الله
هدف الله لحياتك ولحياتي هو أن نتغيّر. ومشيئته هي أن نتغيّر عن طبيعتنا القديمة، ونبدأ في التشبّه بابنه يسوع المسيح. يخبرنا بولس أننا نتغيّر من إحدى درجات المجد إلى الدرجة الأعلى، وهذا هو عمل الروح القدس في حياتنا. فهو يمنحنا الرغبة في التغيّر، ومن ثم القدرة على التغيّر. يدعو الكتاب المقدس هذه التغييرات ثمار الروح. وبينما يعمل روح الله فينا، تبدأ حياتنا في إظهار نوعٍ من أنواع المحبة لم تُظهره من قبل على الإطلاق.
تبدأ حياتنا في إدراك سلامٍ عميق لم نشعر به قط من قبل. ننعم بالمحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والإيمان والوداعة والتعفف لأنّ طغيان الخطية انكسر وصرنا أحراراً لنخدم الله. إن الله يعمل ويعطينا هذه الرغبات الجديدة ومن ثم القدرة على إتمامها. ما عملناه هو اتخاذ الخطوات الأولى في الحياة الجديدة للتلمذة. خلق الله العالم، وأحبّ العالم، وبذل ابنه للعالم، ومات ابنه عن خطية العالم، لكي ينعم الذين يؤمنون بيسوع بالعلاقة السعيدة مع خالقنا الآن وإلى الأبد. مرحباً بكما في عائلة الله، يا أخي وأختي.